الحكمة من إيجاب الاقتناع بالحلف بالله تعالى
الحلف بالله تعالى من الأمور العظيمة التي لها مكانتها وقدسيتها في الإسلام، وقد شرعه الله تعالى لأسباب عديدة وحكم عظيمة، ومن أهم هذه الحكم:
1. تعظيم الحلف بالله تعالى
أن الحلف بالله تعالى يقتضي تعظيمه وتقديره، فهو قسم على الله تعالى، وهو قول بصدقه على الإطلاق، وبرّ قسمه على الإطلاق.
وقد قال تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ﴾ [النحل: 91].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من حلف بالله فصدق وبر، كتب له عشر حسنات، ومن حلف بالله فكذب وفرى، كتب له عشر سيئات”.
2. إثبات الحق وإبطال الباطل
أن الحلف بالله تعالى قد يكون الوسيلة لإثبات الحق وإبطال الباطل، وذلك عندما يتعذر إثباته بالطرق الأخرى.
وقد روى البخاري ومسلم وغيرهما عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إن لي عند فلان كذا وكذا، وإنه ينكره، وليس لي بينة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “استحلفه بالله الذي لا إله إلا هو، فإن حلف فخذه، وإلا فخل عنه”.
3. تخويف المحلوف عليه من عقوبة الحنث
أن الحلف بالله تعالى يحمل المحلوف عليه خشية الله تعالى، وتخوفه من عقوبة الحنث، وهذا من شأنه أن يمنعه من الكذب.
وقد قال تعالى: ﴿وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ هُدَفًا لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَلْتُصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾ [البقرة: 224].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من حلف بالله كاذبًا متعمدًا، فقد استخف بحق الله تعالى، واستهان به”.
4. الحث على الصدق والعدل
أن الحلف بالله تعالى يعتبر وسيلة من وسائل الحث على الصدق والعدل، وذلك لأن المحلوف عليه يخشى من عقوبة الحنث، وهذا يجعله أكثر حرصًا على التمسك بالصدق.
وقد قال تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا﴾ [النحل: 91].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من نكث يمينه، لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام”.
5. الردع عن الفسوق والفجور
أن الحلف بالله تعالى يعتبر من وسائل الردع عن الفسوق والفجور، وذلك لأن المحلوف عليه يخشى من عقوبة الحنث، وهذا يجعله أكثر حرصًا على الابتعاد عن المعاصي والآثام.
وقد قال تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ لَا تُنْبِضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا﴾ [النحل: 92].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من حلف بالله أن لا يفعل شيئًا ولم يفعله، لم يحنث حتى يحلف على يمينه”.
6. حل المنازعات والخصومات
أن الحلف بالله تعالى قد يكون الوسيلة لحل المنازعات والخصومات، وذلك عندما تعذر حلها بالطرق الأخرى.
وقد روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لو يعلم الناس ما في اليمين من الإثم، ما تحالف اثنان”.
7. إزالة الخصومة والعداوة
أن الحلف بالله تعالى قد يكون الوسيلة لإزالة الخصومة والعداوة بين الناس، وذلك عندما تتحقق المودة والمودة بينهم.
وقد روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من كان حالف أخاه على يمين، فأراد أن يحنث، فكفارته أن يكفر يمينه، أو يفي بما حلف عليه”.
خاتمة
الحلف بالله تعالى من الأمور العظيمة التي لها مكانتها وقدسيتها في الإسلام، وقد شرعه الله تعالى لأسباب عديدة وحكم عظيمة، ومن أهم هذه الحكم تعظيم الحلف بالله تعالى، وإثبات الحق وإبطال الباطل، وتخويف المحلوف عليه من عقوبة الحنث، والحث على الصدق والعدل، والردع عن الفسوق والفجور، وحل المنازعات والخصومات، وإزالة الخصومة والعداوة. ونسأل الله تعالى أن يوفقنا لاستعمال اليمين في وجهه تعالى، وأن يحفظنا من شرور الحنث.